ثقافة السجود .... منهجية للتغيير | بقلم / د.أحمد خليل خير الله
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ثقافة السجود .... منهجية للتغيير | بقلم / د.أحمد خليل خير الله
[ ثقافة السجود .... منهجية للتغيير ]
شابًا من شباب الانطلاقة .. الانطلاقة التي غيرت مجرى التاريخ إلى يوم
القيامة، انطلاقة أعادت للإنسان كرامته بعبوديته لله وحده لا شريك له، وكان
هناك رغبة دفينة تملأ كيانه وجوارحه .... ألا وهي مرافقة سيد الأولين -
صلى الله عليه وسلم - في الجنة، وكان دائمًا ما يأتيه بوضوئه مفتاح الصلاة ،
فسأله - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة: (( سلني يا ربيعة !! ))، فقال:
مرافقتك في الجنة، فقال - صلى الله عليه وسلم - : (( أوَ غير ذلك ؟ ))،
فقال بلا تردد: مرافقتك في الجنة، ودعونا نوقف المشهد قليلًا لنتأمل ما
الجنة وكيف الوصول إليها ؟
- الجنة الوطن الأول - الحبيب الأول - :
نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبدًا لأول منزلِ
- الجنة دار الخلد:
قال - صلى الله عليه وسلم - : (( ولا يموت أهل الجنة )). [ صحيح 6808]
- الجنة رؤية وجه الرحمن جل وعلا :
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }.
-
الجنة هي الكلمة التي بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة - الركب
الأول - عليها في مقابل كل شيء، قالوا له - صلى الله عليه وسلم - في بيعة
العقبة : ( فما لنا إن نحن قتلنا ؟ ) فقال لهم : (( الجنة ))، فبايعوا.
يلخص
الطريق إليها ويحدد ويركز في آلية واحدة واستراتيجية محددة : (( أعني
عليها بكثرة السجود )) (( أعني على نفسك بكثرة السجود ))، الخلاصة (( كثرة
السجود توصل إلى الرب المعبود )).
هكذا باختصار أوضح من الشمس في رابعة النهار.
وهذه
القاعدة لا تخص ربيعة وحده ولكنها تخص أمة بكاملها تسلك مسلك ربيعة - رضي
الله عنه -، السجود طريق النهوض، والسجود في الإسلام على أربعة أوجه :
١/ سجود صلاة. ٢/ سجود تلاوة. ٣/ سجود شكر. ٤/ سجود سهو.
فالأول في منظومة إيمانية هي الدين، إنها الصلاة ..
والسجود
ركن ركين في نضوج ثمرتها، ولم لا ؟ وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ((
اعلم أنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة )). [
رواه أحمد والطبراني في الكبير عن أبي أمامة وفي صحيح الجامع : 1069 ]
وقال
- صلى الله عليه وسلم - : (( أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم سجد لله
تعالى سجدة إلا رفعه الله بها درجة في الجنة، وحط عنه بها خطيئة )). [ رواه
أحمد وابن ماجه صحيح الجامع : 1204 ]
المعنى أنك قبل السجدة تختلف
عنك بعدها، تكون إنسان جديد ارتفعت درجة في عبوديتك للواحد القهار وحده لا
شريك له بهذه السجدة المباركة.
والسجود الثاني سجود ولكنه في محراب (
اقرأ )، في محراب العقل، في محراب الكتاب، فيه دعوة إلى الإيجابية اللحظية
والعجيب أنها من البداية : { كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ }
في أول السور نزولًا، اسجد سريعًا ملبيًا .. فكل سجدة تدريب عملي على
الإيجابية .. وأنا أقرأ باسم الله وأسجد لله وأعمل لله، السجدة عنوان
الإيجابية، عنوان القراءة الإيجابية التي يتبعها عمل: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ
بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوابِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }، فحينما تمر عليك آية بها
موضع سجدة تربي نفسك على التفاعل الوقتي فتسجد مباشرة.
فتسأل نفسك لما لا أطبق منهجية التفاعل اللحظي مع كل أية ؟!
والسجدة
الثالثة تُعلن عدم انشغال القلب بالنعمة عن المنعم .. سجدة توحيد عملي أن
المنعم هو الله - سبحانه وتعالى - وأن { مَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ
الله }، سجدة تعلن ارتباط القلب الدائم بالله في أي وقت وفي أي مكان حتى
ولو من غير وضوء، إعلان عملي أمام الكون كله بعد كل نعمة،،، ها أنا أعلن
الخضوع التام جوارحيًا، وها هي جبهتي في التراب ..
تأملها ..
يالها من سجدة تخر فيها الجبهة لتشارك القلب فرحته ..!!
والرابعة
سجدة توضح لك أهمية ما تفعله، سجدة لجبر ما نقص، سجود بناء، سجود للضبط،
سجود لتوضيح الأهمية أنك تسجد لتطفئ ما كاد أن يحترق : (( تحترقون تحترقون
فإذا صليتم ... غسلتها )) [ صحيح الترغيب والترهيب ]، سجود لبناء صفة
التركيز والانتباه واليقظة، إذا سهوت فلتسجد.
قال لي الشيخ سعيد السواح - حفظه الله - أنه لم يسجد لله سجدة سهو منذ التزم .. يالها من همم،
سجدة سهو في محراب الصلاة .. ما أحوجنا لسجدات السهو في محراب الحياة ..
إذًا سجودٌ في محراب الصلاة ..
وسجود في محراب الكتاب ..
وسجود في محراب الحياة ..
وسجود في محراب السجود ..
فربيعة
قرّب للنبي - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الصلاة الوضوء، فكان الجزاء من
جنس العمل فقرّب له - صلى الله عليه وسلم - مفتاح النهوض السجود.
السجود
آلية للنهوض ولكن الضابط فيه الكثرة، كثرة السجود .. نحتاج إلى رجال
يحملون ثقافة السجود، لا غنى لنا عنهم : { تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً
يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً }، الطريق إلى الجنة بسجدة
وسجود، دعوة إلى النهوض، إلى مجتمع من الساجدين، ولم لا ؟ فقد كان هذا
مجتمع سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - ، قال تعالى: { وَتَقَلُّبَكَ
فِي السَّاجِدِينَ }.
يا ربيعة !! اسجد لرب الجنة يقربك من الجنة،
وقالوا: رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، وربيعة يقول: رحلة الجنة تبدأ بسجدة،
تبدأ باقتراب من الملك الوهاب.
لذا لم يكن عجيبًا حين يكون السجود
وصفًا لخير جيل: { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ }،
لم يصبح الأمر مجرد ندبة على الجبين ولكن أصبح سمة على كل الوجه.
مفتاح السجود وثقافة الساجدين.
مفردات نهضوية لابد منها في طريق بناء نهضتنا فالسجود:
يقظة للقلب ..
ويقظة للعقل ..
ويقظة للوعي ..
ويقظة للنهوض ..
يالها من خطة: (( أعني على نفسك بكثرة السجود )) :
١/ أعنِّي ---> التغيير يبدأ منك أنت وعلى المربي " مجرد المساعدة "، لذا المعنى الأول في الخطة: ( المبادرة ).
٢/
على نفسك ---> أرض المعركة الأولى، إذا انتصرت في هذه المعركة هانت
عليك من بعدها، فلا تلقي المعاذير ولا تلتفت إلا لنفسك: { وَكُلَّ
إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُلَهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا }.
٣/ بكثرة السجود
---> ثقافة السجود من صلاة وتلاوة وشكر وتركيز، كل سجدة دورة تدريبية
للنهوض سواءًا كانت في صلاة أو بعد آية أو بعد نعمة أو بعد غفلة، كل سجدة
فرصة حقيقية للقرب، نعم أكرر .. كل سجدة فرصة !!
فرصة جديدة للتحلية والتخلية !!
تخلية ثم تحلية، قال تعالى: { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } ( تخلية )
{ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ } ( تحلية ) [ الحجر : 98 ]
ثقافة السجود منهجية نبوية في التغيير والإصلاح، اغتنمها .. تشوق إليها .. بل ابحث عنها ..!!
لرجال حي على الفلاح ..
يا ربيعة الزمان ..
آن الآوان ..
ولكن ،،
أعني على نفسك بكثرة السجود ..
ولا داعي للغياب ..
وأعني على نفسك بكثرة الاقتراب ..
شـاركِ الأملاكَ والأفــلاكَ
في سـرِ السجــودِ
واسـكبِ الدمـعَ غــزيراً وســــخيًا..
وانهـلِ النـورَ مـــدرارا فتيــــّــا ..
امــــلأ الدنــيا دويّـــا :
ســوفَ نمـضي كالأســودِ
ننـثرُ الخـيرَ على هـذا الوجــودِ
ونعــــطّـرْ ..
كـل ركـنٍ بالسجــودِ
في رحـــاب الحـقِ ..
نمـضـي للـخـــــلودِ
في رحاب النور نحيا بالسجودِ
آه ما أحلى السجودْ ..!
آه ما أحلى السجودْ ..!
آه ما أحلى السجودْ ..!
نعم ..
صدق ما أحلى السجود ..!!
قالوا رحلة الألف الميل تبدأ بخطوة
والآن هي تبدأ بسجدة !
سجدة الاقتراب ،،،، في زمن الاغتراب
إنها ثقافة السجود.
لن نخرق السفينة ..
وسنغرس الفسيلة ..
بإذن الله ..
رد: ثقافة السجود .... منهجية للتغيير | بقلم / د.أحمد خليل خير الله
جزاكم الله خيرا
تم النشر علي الفيس بوك
تم النشر علي الفيس بوك
عائدة لله- مشرفه عامه
- عدد المساهمات : 1816
نقاط : 7262
تاريخ التسجيل : 14/07/2011
مواضيع مماثلة
» نغمات البوم لحظات مع الله.... للمنشد أحمد بو خاطر
» الاعجاز فى السجود
» ¯°.¸¸°¯°.¸¸·°¯ أخــــــ التحريرــلا ق ، لفضيلة الشيخ / أحمد جلال ((متجدد إن شاء الله))¸¸·°¯°·¸¸·°¯
» سيادة الوطن ... بقلم نادر بكار
» مقال | منهج الإصلاح بين الدعوة والسياسة ..بقلم الشيخ عبد المنعم الشحات
» الاعجاز فى السجود
» ¯°.¸¸°¯°.¸¸·°¯ أخــــــ التحريرــلا ق ، لفضيلة الشيخ / أحمد جلال ((متجدد إن شاء الله))¸¸·°¯°·¸¸·°¯
» سيادة الوطن ... بقلم نادر بكار
» مقال | منهج الإصلاح بين الدعوة والسياسة ..بقلم الشيخ عبد المنعم الشحات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى