إذا وجدت نفسك في حرج فالصمت حينئذ أفضل كثيرا من أن تنحاز إلى باطل فقد أُمرنا بأن نقول خيرا أو نصمت.


لكن
ما رأينا خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد أن ما سبق لا علاقة له بإدارة
الرئيس مرسي وجماعة الإخوان لأزمة (إلهام شاهين ـ عبدالله بدر)، فالرئيس
سارع إلى اللقاء بالفنانين وطمأنتهم، بينما اجتهد الأستاذ محمد عبدالقدوس
في إدانة عبدالله بدر الذي لم يفعل سوى أنه وصف فعل إلهام شاهين القبيح.
وقال عبد القدوس إن التيار الإسلامي أخطأ بالسكوت على إدانة تجريح الفنانين
بل وكاد يُقسم للصحفي الذي وضعه في موقف المدافع أنه أدان في غير مناسبة
تجريح الفنانين وبقوة. تخيلوا؟
أما بوابة الحرية والعدالة فقد
نشرت فيديو لمحمد صبحي يلمز فيه عبد الله بدر لكن العجيب إن البوابة ركزت
في عنوان الفيديو على مدح صبحي الرئيس مرسي بوصفه رئيسا لكل المصريين!!


لا
أحب أن أعطي دروسا في حسن الظن ولا أحسن الظن. أنا فعلا أحسن الظن
بالإخوان وأعرف أن كثيرا منهم على الأقل قد يقولون في أنفسهم إن عبدالله
بدر يفسد ما نحاول أن نبنيه فنحن لا نزال في بداية مرحلة التمكين وكل شيء
سيأتي بالتدرج ولا يجوز أن نستعدي علينا الجميع.
لكن السؤال
الوجيه هنا: هو ما علاقة الإخوان بتصرف فردي صادر عن عالم أزهري غير محسوب
عليهم؟ أعني أن الصمت ليس عيبا لاسيما وأن الموضوع أحد طرفيه فنانة لا تزال
تجهر بالمعصية ولا تستحيي من فنها الساقط. أعني أن الصمت عيبا خاصة أن
الفنانين الذين لا يقبلون الإهانة قبلوا جميعهم بإهانة الرئيس مرسي على
لسان زميلتهم هالة فاخر الطويل.


السؤال الأوجه:
لماذا لا يعتبر الإخوان عبدالله بدر متحمسًا كعمر بن الخطاب ـ مع فارق
التشبيه ـ الذي لم نسمع النبي ينهره أو يزجره وهو يقول في غير مناسبة دعني
اضرب عنق فلان يا رسول الله؟ لماذا لا يعتبر الإخوان عبدالله بدر كعمر أم
أننا سنظل طوال العمر في المرحلة المكية ـ التي يبدو أننا لن نفارقها ـ رغم
أن كثرة المنافقين توحي بأننا نعيش مرحلة أخرى؟


أسئلة
وجيهة كثيرة قد تواجههنا؟ هل كان الشيخ كشك طويل اللسان كما يقول أستاذ
محمد عبد القدوس؟ وما سيكون وضع الدكتور وجدي غنيم الصدَّاع بالحق إذا عاد
إلى مصر؟


السؤال الآن يتحول إلى السيد الرئيس:
فهل تدري يا سيادة الرئيس أن من التيار الإسلامي أناسا يحذرون الآن من أن
الإخوان سيفعلون بالسلفيين مثلما فعلت حماس وتفعل بسلفيي غزة؟ هل تعلم يا
سيادة الرئيس أن السلفيين بهذه النزعة هم الأولى بهذه الطمأنة فهم يعلمون
كغيرهم أن الإدانة هي أول الطريق للعقاب. فهل سنُعاقب يوما إن سمينا الفاسق
المجاهر باسمه؟ هل سنُطارد بتهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بألسنتنا وهو أضعف الإيمان؟ هل سُتحرم مصر من أمثال كشك الذي لم يستطيع
السادات أن يحرمنا منه حتى حرمنا الله منه ربما بذنوبنا؟ أخبرنا كي نقول
لوجدي غنيم لا تعد إلى مصر فمصيرك قد لا يختلف عما كان يخطط لك المباركيون!
الإسلاميون هم من يحتاجون للطمأنة يا سيادة الرئيس بعدما كفرتهم الفنانة
ألفت إمام ـ تملقا لزميلتها ـ لكن أحدا لم يغضب وكأن القذف حرام والتكفير
مباح بالإجماع؟ وقتئذ لم نسمع إدانة عبد القدوس يا سيادة الرئيس!


هناك
ألف وسيلة للمراوغة السياسية يا سيادة الرئيس وأنت أعلم بها مني، فإذا
استغاث بك فنان فقل له إننا في دولة مدنية.. قل له إننا في دولة المؤسسات
والأمر متروك للقضاء لاسيما وأن الفنانة المجاهرة بالمعصية رفعت دعوى
قضائية ضد من سماها باسمها. يمكنك أن تؤكد لهم أن الرئيس لم يعد منحازا
لطرف وأنه صار منحازا للقيم التي تنبذ الخلاعة والفسق والفجور.


يمكنك أن تفعل ألف شيء سوى أن تدنس يدك بمصافحة من دنسوا أعيننا وقلوب شبابنا وحركوا شهواتهم نحو الجنس الحرام.


يمكنك
أن تفعل الكثير لكنك اخترت أن تطمئنهم فما كفاهم هذا بل خرجوا على الشاشات
يلمزون الشيخ عبدالله بدر مجددا ويتملقونك فهم ودوا لو تدهن فيدهنون.


سيادة الرئيس قلت لنا فإن أسأت فقوموني فما هو السوء إن لم يكن مجالسة فناني الفراش؟!


ورسالتي
إلى الشيخ وجدي غنيم: لا تعد إلى مصر فالكثيرون متربصون وجماعتك القديمة
قد لا تحميك من تطاول المتطاولين. الله خير حافظًا يا شيخنا وهو أرحم من
مرسي.



الكاتب حسام عبد العزيز